بعد عام من الصراع…القطاع البنكي السوداني على شفير الانهيار

رحمة خميسي

بعد عام من الصراع الدائر بالسودان، تتزايد المخاوف من استمرار انهيار القطاع المصرفي بسبب الدمار الذي تعرضت له البنوك من عمليات نهب وسرقة وتدمير المنشآت وخروج بعضها عن الخدمة.

وتآكلت موجودات البنوك المقدرة بنحو 45 تريليون جنيه بمقدار النصف بعد أن فقدت العملة الوطنية أكثر من 80 بالمئة من قيمتها خلال الفترة الأخيرة، فضلا عن إغلاق أكثر من 70% من الفروع العاملة في البلاد والبالغ عددها 39 بنكا حكوميا وتجاريا، ما دفع البنوك لاتخاذ إجراءات احتياطية والتخفيض من قوتها العاملة.

وكان خبراء اقتصاد، قد حذّروا من احتمال إفلاس البنوك بسبب استرداد القروض الممنوحة بعد خسارة معظم المستثمرين لأنشطتهم ومؤسساتهم الصناعية والإنتاجية.

أزمة هيكلية

يرى أستاذ الاقتصاد في الجامعات السودانية محمد شيخون، أنّ “الحرب السودانية أضرت بالقطاع المصرفي الذي ظل يواجه خلال العقود الثلاثة الأخيرة مشكلات هيكلية كبيرة بسبب السياسات التي المتبعة في تسعينيات القرن الماضي، والتي شابها الكثير من الفساد والأخطاء”.

وقال شيخون، في حديث سابق لسكاي نيوز عربية، إن “اندلاع الحرب ألقى بالمزيد من الظلال القاتمة على أوضاع القطاع المصرفي، حيث تعرضت معظم البنوك لعمليات نهب وتدمير واسعة في وقت لم تكن معظم تلك البنوك تحتفظ باحتياطات كافية لدى المصرف المركزي.

اقتصاد الظل

يواجه البنك المركزي السوداني صعوبات كثيرة بعد تآكل احتياطي البلاد من موارد النقد الأجنبي، وتحكم تجار العملة الصعبة بـ 95% من الكتلة النقدية خارج الجهاز المصرفي في سوق العملات الأجنبية، ما أدّى لانفلات سعر الصرف وفقد الجنيه أكثر من 85% من قيمته.

وتوّقع صندوق النقد الدولي في تقرير له، انكماش اقتصاد السودان لعام 2023 بنسبة 18 في المئة، ومع توسّع الحرب إلى ولاية الجزيرة في وسط البلاد، والتي تضمّ أحد أكبر المشاريع الزراعية في القارة الأفريقية على مساحة مليوني فدان، فقد تراجعت جغرافيا إنتاج المحاصيل.

آثار كارثية

وكشف المستشار المالي والمصرفي السوداني، عمر سيد أحمد، أنّ “معظم البنوك لم تكن لديها التحوطات المالية والفنية اللازمة لمواجهة الآثار الكارثية الناجمة عن الحرب، لذلك ستعاني خلال الفترة المقبلة من فقدان ثقة العملاء خصوصا، في ظل التوقعات التي ترجح عدم قدرتها على استرداد أموال المودعين التي قدمت كقروض لمستثمرين وتجار فقدوا معظم أنشطتهم الاقتصادية بسبب الحرب وبالتالي ستتراجع قدرتهم على تسديد تلك القروض”

ولفت المستشار المالي، إلى مشكلة أخرى قد تعمق من الأزمة الهيكلية في القطاع المالي والمصرفي وهي مسألة الانفلات في طباعة العملة ونزول أوراق نقدية مزورة أو لم تكتمل طباعتها إلى الأسواق.

حرب مكلفة على الاقتصاد

أظهرت دراسة نشرها المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية مؤخرا، أن التكاليف الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة للحرب في السودان تصل إلى مئة مليار دولار، وللعام الثاني على التوالي، لا تقرّ موازنة الدولة في السودان.

 ويرى الخبير الاقتصادي هيثم فتحي، أن “ما يحدث يعكس الغياب التام للدولة، ما يؤثّر على الاقتصاد بكل قطاعاته”.

ويعاني معظم السودانيين من التضخم المرتفع والبالغ بحسب صندوق النقد أكثر من 256 في المئة، فضلا عن الانخفاض الحاد في قيمة العملة وتدهور مستويات المعيشة منذ سنوات طويلة.

وحذّر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، من أن الحرب في السودان دفعت البلاد إلى “شفير الانهيار”، حيث تعاني الغالبية العظمى من السكان من الجوع، ويعتمد حوالي ثلث سكان السودان البالغ عددهم الإجمالي 46 مليون نسمة على المساعدات الإنسانية.

المصدر: وسائل إعلام عربية

مشاركة
علق على الخبر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Exit mobile version