تقرير: ارتفاع عالمي في إنتاج الطاقات المتجددة بـ30%.. أين تونس من هذا التوجه؟

نزيهة نصري

كشف تقرير صادر عن مركز البحوث البريطاني “Ember” ، اليوم الخميس 9 ماي 2024 ، أن عام 2023 كان قياسيًا لمصادر الطاقة المتجددة، التي لا تنبعث منها ملوثات تؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض مثل الكربون والميثان.

وبين التقرير أنه لأول مرة، تم إنتاج 30% من الكهرباء في جميع أنحاء العالم من مصادر الطاقة النظيفة ، حيث استمر عدد مزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في النمو بسرعة كبيرة عالمياً. 

هل تراهن تونس على الطاقة المتجددة؟

تتمتع تونس بقدرات في علاقة بالمناخ هامة تمكنها من تحقيق تحول طاقي نظيف سريع ، ولكن يبدو أن كلفة تركيز معدات الطاقة المتجددة سواء المتعلقة بالرياح أو الشمس باهضة ، خاصة وأن البلاد تمر بأزمة اقتصادية وتتخبط في الديون منذ سنوات .

ويذكر أنه في عام 2021، شكلت مصادر الطاقة المتجددة 3 إلى 4% فقط من مجموع مصادر الطاقة في البلاد، وهي أقل من نسبة 12% المستهدفة لها في عام 2020. ولا يزال إنتاج الكهرباء في تونس يعتمد بشكل كبير على الغاز الطبيعي، الذي يشكل 97% من قدرة القطاع، ومعظمه مستورد من الجزائر، أو يتم تلقيه في صورة عائدات. ويشكل انخفاض إنتاج الغاز المحلي حالياً 38% فقط من مجموع مصادر إنتاج الكهرباء.

وقد وضعت تونس قبل مؤتمر الأمم المتحدة السادس والعشرون للتغير المناخي، رهانات جريئة تهدف إلى خفض كثافة الانبعاثات الكربونية بنسبة 45% بحلول عام 2030، وتطلعات للوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

ووضعت قطاع الطاقة في صميم مساهماتها المحدثة المحددة وطنياً، حيث كان من المخطط اتباع مجموعة من تدابير كفاءة الطاقة وتوسيع نطاق الطاقة المتجددة، مما يؤدي إلى خفض الغازات الدفيئة بنسبة 73%.

ولكن بيدو أن نتائج مؤتمر الأمم المتحدة السادس والعشرون للتغير المناخي لم تحفز أهداف تونس لإنتاج 30% من احتياجاتها من الطاقة من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.

الطاقة المتجددة يمكن ان تنقذ الاقتصاد التونسي

أظهر تقرير أصدره البنك الدولي ، أمس الاربعاء 8 ماي 2024 ، بعنوان “طاقة متجددة من أجل الاقتصاد” ، أنه بإمكان الاقتصاد التونسي تحقيق تقدم هام على مستوى النمو الاقتصادي ابتداء من سنة 2030 بفضل توسيع إنتاج الطاقة باعتماد الطاقات المتجددة.

ويمكن أن يتراوح هذا التقدم بين 1،1 بالمائة و1،75 بالمائة في أفق سنة 2030، بحسب مختلف سيناريوهات تطور إنتاج الطاقات المتجددة في البلاد ، وفق ما أظهره التقرير .

وتناول التقرير التحديات والفرص الحالية للاقتصاد التونسي مع التركيز على المشاريع الطموحة للبلاد في مجالات الطاقات المتجددة، التي تعد حلا مصيريا في مواجهة هذه التحديات الإقتصادية والبيئية.

وتعتبر الوثيقة أنّ السيناريو المتعلّق بإزالة الكربون بشكل معمّق، ذات جدوى بالنسبة للاقتصاد على المدى القصير لأنّ القطاعات المستعملة النهائية ستستفيد على الأرجح من سياسات إزالة الكربون المدعمة ممّا سيترجم من كلفة الطاقة.

وفي حالة إستفادة كل القطاعات فإن قطاعي الصناعة والفلاحة سيكونان الأكثر استفادة اعتبارا لتبعيتهما الكبيرة للطاقة مقارنة بالخدمات.

ويتوقع البنك الدولي توفر إستثمارات هامة في جميع سيناريوهات التحول الطاقي الأخضر، تتراوح بين 11 و12 مليار دولار في أفق سنة 2030 وقد تصل 27 إلى 35 مليار دولار بحلول 2050.

وأوضح التقرير أن حوالي 60 وحتّىّ 65 بالمائة من حاجيات الاستتثمار يجب أن يوفرها القطاع الخاص، وفي الواقع فإنّ إنتاج الطاقة باعتماد الطّاقات المتجددة قابل للتسويق بالنظر الى مزايا الهامة على مستوى الكلفة مقارنة بالمحروقات الاحفورية.

الطاقة النظيفة تواجه تحديات تغير المناخ

ومن بين أنواع الطاقة النظيفة التي تم توليدها في العام الماضي 2023، أنتجت السدود الكهرومائية أكبر قدر ممكن.

ومع ذلك، فإن موجات الجفاف في الهند والصين وأمريكا الشمالية والمكسيك أدت إلى وصول الطاقة الكهرومائية إلى أدنى مستوياتها منذ خمس سنوات خلال 2023.

وتُظهر الأبحاث أن تغير المناخ يتسبب في تطور حالات الجفاف بشكل أسرع وأكثر حدة.

وقد ارتفع الاستهلاك العالمي للكهرباء بصورة غير مسبوقة خلال العام الماضي ، بزيادة 2٪ مقارنة بعام 2022.

وهذه الزيادة تعادل مقدار ما تستهلكه كندا في عام واحد.

ويقف وراء ازدياد الاستهلاك العالمي التوسع في التكييفات أو المبردات، والتوسع في المضخات الحرارية، وهي وسيلة فعالة لتدفئة وتبريد المباني، ويرجع السبب الثاني إلى التوسع العالمي في الاعتماد على السيارات الكهربائية، فضلا عن تغذية مراكز البيانات الجديدة بالكهرباء. 

الطاقة الشمسية تستحوذ على الحصة الأكبر

وأظهر التقرير أن الطاقة الشمسية شكلت الحصة الأكبر من الطاقة النظيفة الجديدة في العام الماضي .

وتمت إضافة أكثر من ضعف الطاقة الشمسية مقارنة بطاقة الفحم.

وكان هذا هو العام التاسع عشر على التوالي الذي أصبحت فيه الطاقة الشمسية المصدر الأسرع نموًا لتوليد الكهرباء.

ويذكر أنه حدثت زيادة في تركيبات الطاقة الشمسية في نهاية العام، ويتوقع التقرير أن يشهد عام 2024 قفزة أكبر.

الصين في صدارة الدول المنتجة للطاقة النظيفة والملوثة!!

أضافت الصين طاقة متجددة أكثر من أي دولة أخرى في العام الماضي، ما يعادل 51% من الطاقة الشمسية الجديدة و60% من طاقة الرياح الجديدة على مستوى العالم.

وشكلت الصين والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والبرازيل مجتمعة 81% من توليد الطاقة الشمسية الجديدة في عام 2023.

ومع ذلك، كانت الصين مسؤولة أيضًا عن 55% الانبعاثات الناتجة عن استهلاك الفحم على مستوى العالم، و60% من توليد الكهرباء في الصين يأتي من الفحم. وتقول وكالة الطاقة الدولية إن الفحم هو أكثر أنواع الوقود الأحفوري كثافة بالكربون. 

هل تنقض الطاقة النظيفة الكوكب؟

وقال التقرير إن بعض الدول أعادت الاعتماد بكثافة على الفحم لتعويض فقدان الطاقة الكهرومائية التي تعرضت لها عندما تسبب تغير المناخ في جفاف خزاناتها المائية.

وعلى الرغم من كل هذا النمو في الطاقة النظيفة، فلا يزال الوقود الأحفوري يشكل غالبية الكهرباء العالمية المولدة في العام الماضي، مما تسبب في زيادة بنسبة 1 بالمائة في انبعاثات قطاع الطاقة العالمية.

وأكد التقرير أنه حتى لو قمنا بخفض جميع انبعاثات الغازات الدفيئة اليوم ، فإن الكوكب سيستمر في ارتفاع درجة حرارته لسنوات بسبب كمية الملوثات المضافة بالفعل إلى الغلاف الجوي.

ويتوقع المحللون أن يستخدم العالم المزيد من الكهرباء في عام 2024. ولكن من المتوقع أن ينمو توليد الطاقة المتجددة بشكل أسرع. وقد يعني ذلك انخفاضًا بنسبة 2% (333 تيراواط/ساعة) في الطاقة المولدة من الوقود الأحفوري.

رهانات جديدة

وتجدر الإشارة إلى ان وكالة الطاقة الدولية راهنت على تضاعف متوسط الاستثمارات السنوية في مصادر الطاقة المتجددة من 466 مليار دولار خلال المدة من 2017 إلى 2022، إلى 1.08 تريليون دولار خلال المدة من 2023 إلى 2030.

كما يُتوقع زيادة متوسط هذه الاستثمارات إلى 1.18 تريليون دولار للمدة من 2031 وحتى 2035، قبل أن تنخفض إلى 875 مليار دولار خلال الـ15 عامًا الممتدة من 2036 إلى 2050.

وتمتد توقعات تضاعف متوسط الاستثمارات السنوية إلى الطاقة النووية من 41 مليار دولار خلال (2017-2022) إلى 114 مليار دولار في المدّة المتبقية من العقد الحالي، ثم إلى 121 مليار دولار في السنوات الـ5 المنتهية في 2035، قبل أن تتراجع إلى 93 مليار دولار سنويًا خلال الـ15 عامًا التالية.

مشاركة
علق على الخبر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Exit mobile version