صناعة المحتوى الرقمي: مالذي يجب أن أعرفه حول هذا العالم الجديد ؟

محمد على بن أحمد

في عصرٍ يشهدُ تحولاتٍ رقميةٍ سريعةٍ وتدفقاً غير مسبوقٍ للمعلومات، تتصدرُ صناعةُ المحتوى قائمةَ المهنِ الأكثر تأثيراً ونمواً في القرن الحادي والعشرين. لقد تجاوزت هذه المهنةُ حدودَ الترفيهِ والنشاطِ الجانبي لتصبحَ محوراً أساسياً في تشكيلِ الرأي العام، وقيادةِ حملاتِ التسويق، وتعزيزِ التعليم، وتوثيقِ الروابطِ الاجتماعية.

️ماهي صناعة المحتوى؟

وفقًا لمجلة Content Marketing Institute (CMI)، تُعَرَّف صناعة المحتوى بأنها “عملية إنشاء وتوزيع محتوى قيم، وملائم، ومتسق لجذب جمهور محدد والاحتفاظ به، بغرض دفع العميل إلى اتخاذ إجراء مربح.”

متى بدأت صناعة المحتوى؟

في عام 1993، قامت شركة O’Reilly and Associates بإطلاق أول موقع تجاري على شبكة الإنترنت، وهو الحدث الذي جسد بداية ثورة في صناعة المحتوى الإعلامي والتسويقي. بفضل هذه الخطوة، أصبح بالإمكان لأي فرد متصل بالإنترنت إنشاء ونشر المحتوى بكل سهولة ويسر، مما لفت انتباه المسوّقين إلى هذا الجديد الذي غير اللعبة بشكل جذري. تعد هذه اللحظة نقطة تحول في تاريخ الإعلام الرقمي، حيث بدأت صناعة المحتوى تأخذ شكلها الحديث وتشهد تطورات كبيرة تجعلها أكثر قوة وتأثيرًا في عالم التسويق والاتصالات.(المصدر: O’Reilly Media, History of O’Reilly)

ما هي أنواع المحتوى الرقمي؟

في عالم الإعلام الرقمي، تتنوع أنواع المحتوى التي يتم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، المواقع الإلكترونية، والمنصات الإعلامية. تشمل هذه الأنواع التدوين، الفيديوهات، المقاطع الصوتية، البودكاست، البث المباشر، الصور، الانفوجرافيك، الكاريكاتير، الصور البيانية، النماذج والقوائم، المراسلات، الكتب الإلكترونية PDF، والتطبيقات الإلكترونية. يتطور مجال صناعة المحتوى باستمرار، مما يعني ظهور أنواع جديدة تحقق تفاعلًا أقوى بين صانع المحتوى والجمهور، إضافةً إلى ظهور منصات جديدة تحدد معايير أدق لجودة المحتوى وطرق تقديمه وترويجه للمتابعين.

الفرق بين كتابة المحتوى وصناعة المحتوى؟

حسب مقال لموقع “خبراء التسويق” بعنوان ” ما الفرق بين كاتب المحتوى وصانع المحتوى؟ “، يمكن تلخيص الفرق بين كتابة المحتوى وصناعة المحتوى كما يلي:

كتابة المحتوى تركز على إنشاء النصوص المكتوبة، بينما صناعة المحتوى تشمل إنشاء محتوى متعدد الأشكال بما في ذلك النصوص، الصور، الفيديوهات، الرسوم البيانية، الملفات الصوتية، والمزيد.

في كتابة المحتوى، يُركز الكتّاب على صياغة مقالات، مدونات، مقاطع فيديو نصية، ومحتوى نصي آخر، بينما يشمل عمل صانع المحتوى تخطيط المحتوى، ابتكار الأفكار، إنتاج المحتوى، تحريره، وتنسيقه.

الهدف الرئيسي لكتابة المحتوى هو نقل المعلومات بشكل واضح وجذاب، في حين يمكن أن تتضمن أهداف صناعة المحتوى التواصل مع الجمهور،

وزيادة الوعي بالعلامة التجارية، وزيادة المشاركة، وتحقيق أهداف تسويقية وترويجية.

كيف تصنع محتوى رقمي ناجح؟ 

صناعة المحتوى هي عملية تتطلب التخطيط والتنظيم والإبداع لضمان تقديم محتوى قيم وجذاب للجمهور المستهدف.

  1. تحديد الجمهور المستهدف: قبل كتابة أو إنشاء أي محتوى، عليك معرفة من تتحدث إليه. من هم؟ ما يهمهم؟ ماذا يبحثون عنه؟
  2. تحديد الهدف من المحتوى: هل تريد زيادة المبيعات؟ توجيه رسالة معينة؟ توعية الجمهور بشيء ما؟ يجب أن تكون أهدافك واضحة.
  3. اختيار الوسيلة المناسبة: تعتمد وسيلة النشر على نوع الجمهور والهدف، فقد تكون مدونة، موقع إلكتروني، منصات التواصل الاجتماعي، فيديوهات، بودكاست، إلخ.
  4. تحديد نوع المحتوى: هل سيكون محتوى نصي، صور، فيديو، أو ربما مزيج من هذه الأنواع؟ اختر النوع الذي يتناسب مع جمهورك وهدفك
  5. إنشاء محتوى ذو قيمة مضافة: يجب أن يكون محتواك مفيداً وجذاباً للجمهور، حتى يستمروا في متابعتك وينشروا محتواك.
  6. ترويج المحتوى: لا يكفي إنشاء محتوى جيد، بل يجب أيضاً الترويج له عبر وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الأخرى لجذب المزيد من الجمهور.
  7. قياس الأداء والتحسين: قم بمتابعة أداء محتواك وقياس تأثيره، واستخدم هذه البيانات لتحسين محتواك واستراتيجيتك المستقبلية.

هذه الخطوات تعتمد على دراسات وأبحاث في مجال التسويق الرقمي وصناعة المحتوى التي تشير إلى أن اتباع هذه الخطوات يمكن أن يساعد في خلق محتوى فعّال وجذاب للجمهور..

صناعة المحتوى بين صناعة التفاهة و إثراء المعرف

تساهم صناعة المحتوى التافه في خلق جو من السطحية والتسلية الفارغة، مما يقلل من قيمة المحتوى الذي يتم تقديمه ويعزز التفكير البسيط والعقلية الضحلة، حيث يتم إنتاج محتوى غير هادف أو فارغ من القيمة الحقيقية. تعتمد هذه الصناعة على استراتيجيات جذب الانتباه وزيادة المشاهدات دون النظر إلى جودة المحتوى أو فائدته الحقيقية. وتتضمن هذه الصناعة عادة محتوى سطحي، يستهدف الجوانب الترفيهية والساخرة دون التركيز على الجوانب التعليمية أو الثقافية. تهدف هذه الصناعة إلى توليد الانتشار السريع وزيادة الشهرة بشكل سريع، دون مراعاة الآثار السلبية التي قد تنتج عنها مثل تشويه الصورة العامة للمجتمع أو ترويج للمفاهيم السلبية والعقائد الخاطئة.

ولكن لا تقتصر صناعة المحتوى على صناعة التفاهة، بل تمتد أيضًا لتشمل المحتوى الهادف الذي يهدف إلى تثقيف وتوجيه الجمهور نحو المعرفة والفهم العميق. في هذا السياق، يُعد أحمد الغندور أو كما عرف باسم الدحيح مثالًا بارزًا من صانعي المحتوى الذين يسعون لنشر المعرفة والعلم بأسلوب مبسط ومنطقي، مما يسهم في تثقيف الجمهور وزيادة مستوى الوعي لديهم.

ما هي المشاكل التي تواجه صناع المحتوى؟

تشهد صناعة المحتوى نمواً هائلاً في العصر الرقمي، حيث أصبحت منصات التواصل الاجتماعي والمدونات والمواقع الإلكترونية ميداناً مفتوحاً للإبداع والتعبير. ومع ذلك، تواجه هذه الصناعة مجموعة من التحديات التي تعرقل مسيرة المبدعين وتؤثر على جودة المحتوى المقدم.

أحد أبرز التحديات هو التنافسية الشديدة بين صانعي المحتوى. ومع تزايد عدد المبدعين والمحتوى المنشور يومياً، يصبح من الصعب على الفرد أن يبرز ويجذب الانتباه. حيث يتطلب الأمر جهداً كبيراً واستراتيجيات مبتكرة للتفوق في هذا المجال المزدحم.

وتعتمد منصات التواصل الاجتماعي على خوارزميات معقدة لتحديد المحتوى الذي يظهر للمستخدمين. هذه الخوارزميات تتغير باستمرار، مما يجعل من الصعب على صانعي المحتوى التنبؤ بكيفية الوصول إلى جمهورهم المستهدف. قد يؤدي ذلك إلى تراجع في معدلات الوصول والمشاركة، مما يؤثر سلباً على نجاح المحتوى.

كما تواجه صناعة المحتوى مشكلات متعلقة بحقوق الملكية الفكرية، حيث يتم أحياناً استخدام المحتوى دون إذن من صاحبه. هذا الأمر يضر بالمبدعين الأصليين ويقلل من قيمة أعمالهم. من الضروري تعزيز الوعي بأهمية احترام حقوق الملكية الفكرية ووضع قوانين صارمة لحمايتها.

رغم الانتشار الواسع للمحتوى الرقمي، فإن تحقيق الدخل منه لا يزال يشكل تحدياً كبيراً. إذ يعتمد العديد من صانعي المحتوى على الإعلانات والرعايات لتحقيق الأرباح، إلا أن هذا النموذج لا يكون دائماً مستداماً. تحتاج الصناعة إلى تطوير نماذج عمل جديدة تضمن تحقيق دخل مستقر للمبدعين.

مستقبل صناعة المحتوى

في خضم التطورات التكنولوجية السريعة والتحولات الرقمية المتلاحقة، يبدو أن مستقبل صناعة المحتوى يحمل في طياته العديد من الفرص والتحديات. من جهة، تتيح التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي والواقع المعزز إمكانيات غير محدودة لصناعة محتوى تفاعلي وجذاب. حيث أن هذه الأدوات تجعل من الممكن تقديم تجارب فريدة للمستخدمين، تتجاوز النصوص والصور التقليدية إلى عوالم افتراضية غامرة.

من جهة أخرى، يفرض هذا التطور السريع تحديات جديدة على منتجي المحتوى، حيث يتعين عليهم مواكبة التغيرات المستمرة وتعلم المهارات الجديدة للبقاء في المنافسة. كما أن تزايد الاعتماد على الخوارزميات لتحليل البيانات وتوجيه المحتوى يثير تساؤلات حول الخصوصية وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي.

مشاركة
علق على الخبر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Exit mobile version