السبت 6 جويلية 2024
الرئيسيةأخبار تونستقرير: إنتاج 8 مليون طن من الهدروجين الأخضر خلال 2050 لأوروبا.. ماذا...

تقرير: إنتاج 8 مليون طن من الهدروجين الأخضر خلال 2050 لأوروبا.. ماذا سيبقى من تونس بيئيا !

تسعى عدة دول من بينها تونس الى الدخول الى سوق انتاج الهيدروجين الأخضر ، كي تكون رائدة عالمياً في هذا المجال.

وتعمل هذه الدول على الاستثمار في بناء منصات قابلة للتوسع في الأسواق الرئيسية حول العالم.

وتعمل تونس على الاستحواذ على مشاريع وتشكيل تحالفات بناءة لتطوير مشاريع عالمية في مختلف مراحل انتاج الهيدروجين.

ويذكر أن الاستثمار في الهيدروجين الأخضر هو مستقبل العالم اليوم، خاصة مع ارتفاع تكلفة الطاقة وتراجع مصادرها.

وتجدر الإشارة إلى أن يمكن استخدام الهيدروجين بشكل مباشر أو تحويله إلى ما يسمى بالمشتقات، مثل الأمونيا والميثانول والميثان الاصطناعي والوقود (مثل وقود الطيران المستدام).

نحو انتاج 8 مليون طن بحلول 2050

تعمل تونس على تهيئة بنية تحتية ووضع استراتيجية عمل تسمح لها بإنتاج 8 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر بحلول سنة 2050 ، بقيمة مالية تبلغ 40 مليار دولار.

ويأتي هذا في ظل توفر طاقتي الرياح والشمس التي تسمح لها بدخول غمار منافسة إنتاج الطاقات النظيفة.

وقد وقعت البلاد في اطار السعي الى تحقيق هدفها ، خلال أسبوع واحد اتفاقيتين لإنتاج الهيدروجين الأخضر.

وتم توقيع الاتفاقية الأولى مع مجمع الشركات الفرنسية والنمساوية “توتال للطاقات” و”فاربوند”، بهدف تركيز مشروع ينتج 200 ألف طن من الهيدروجين الأخضر في مرحلة أولى مع تركيز 5 جيغاواط من الطاقات المتجددة بحلول عام 2030، على أن تصل الطاقة الإنتاجية في المرحلة النهائية من المشروع إلى مليون طن سنوياً، وهو مشروع ضخم تبلغ قيمته، بحسب الحكومة التونسية، 8 مليار يورو في المرحلة الأولى، و40 ملياراً في مرحلته النهائية.

الاتفاقية الثانية وقّعت مع المملكة العربية السعودية، ممثلة بشركة “أكوا باور”، وتهدف إلى توطين هذا النوع من التكنولوجيا، إذ قال مدير الشركة السعودية إثر توقيع الاتفاقية “إن تونس تزخر بخصائص طبيعية ملائمة”، في إشارة إلى الشمس والموقع الجغرافي القريب من أوروبا.

وبحسب مراقبين، فإن توطين هذه التكنولوجيا الحديثة لإنتاج الهيدروجين الأخضر في تونس وتحول تونس إلى بلد منتج لهذا النوع من الطاقة هما خطوة إيجابية من الناحية النظرية، ولكن الإعلان عن هذه الاتفاقيات لم يقابل باطمئنان من قبل المختصين والسياسيين.

السيطرة على السوق الأوروبية

وتدر الإشارة إلى أن تونس تستعد للحصول على جزء من سوق الهيدروجين الأخضر العالمية، ولا سيما السوق الأوروبية، خلال السنوات القليلة المقبلة، في توقيت تواصل خلاله مختلف دول العالم دخول هذا السباق المتسارع، رغم عدم تحديد موعد لتحقيق هذا الهدف.

يأتي ذلك من خلال المشروعات المتعددة التي تدخلها الدولة الواقعة في شمال أفريقيا مؤخرًا، من خلال توقيع اتفاقيات شراكة مع شركات عربية وعالمية، تستهدف زيادة الطاقة الإنتاجية، وفتح أسواق جديدة للتصدير.

وأشارت توقعات الى أن غزو السوق الأوروبية سيكون من خلال إيطاليا ، حيث أنها ستكون البوابة التي تنفذ منها تونس إلى سوق الهيدروجين الأخضر في أوروبا، ولا سيما أن البلدين يمهدان مؤخرًا للتعاون في قطاع الطاقة ككل، والمحروقات بشكل خاص.

ووقد حددت أوروبا مشروع خط أنابيب نقل الهيدروجين الأخضر من تونس إليها، من المشروعات ذات الأولوية .

وقالت وزيرة الطاقة فاطمة شيبوب إن البلاد اعتمدت إستراتيجية وطنية للطاقة بحلول عام 2035، تستجيب إلى مقتضيات المرحلة، خلال مشاركتها في فعاليات الدورة الثالثة للمنتدى الدولي نحو الجنوب، الذي انعقد في مدينة سورينتو الإيطالية، يومي 17 و18  ماي الماضي .

وتندرج هذه الإستراتيجية ضمن رؤية شاملة طاقية ومناخية اقتصادية واجتماعية، تهدف إلى الانتقال من النظم التقليدية للإنتاج والاستهلاك إلى نموذج طاقي جديد ومستدام يرتكز على تنويع مصادر الطاقة النظيفة من خلال إنتاج 35% من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.

الهيدروجين الأخضر يعوض مصادر الطاقة التقليدية

وقال الخبير في الانتقال الطاقي على الكنزاري ، في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن استراتيجية الدولة في انتاج الهيدروجين الأخضر تُحقق 3 نقاط في النمو الاقتصادي وتُوفر 500 ألف موطن شغل.

واعتبر الكنزاري أن الهيدروجين الأخضر الذي ستتنافس حول إنتاجه دول كثيرة في المستقبل القريب يمثل سوقا مهمة لتونس ذات الموقع الجغرافي القريب من أوروبا، الذي سيخفف كلفة نقل الهيدروجين إلى الأسواق الأوروبية، فضلا عن تميزها بعوامل طبيعية مثل الرياح والشمس ومياه البحر القابلة للتحلية.

وأكد الأستاذ بمدرسة تعليم المهندسين والخبير في إنتاج الهيدروجين الأخضر، شهاب بودن، أن الهيدروجين الأخضر يمثل فرصة كبيرة لتونس للتموقع في سوق الطاقات لأن العالم يتوقع أن البترول والغاز سيُعوَضان بالهيدروجين الأخضر في يوم ما.

وأشار بودن إلى أن إنتاج الهيدروجين الأخضر لم يبدأ بعد في أي بلد وأن ما يتم القيام به حاليا هو دراسات ومشاريع وتجارب.

وقد انخرطت تونس بدورها في الإعداد والدراسات المعمقة من أجل إصدار خطة وطنية للهيدروجين الأخضر وإيجاد الإطار التشريعي والقانوني الملائم لذلك سواء على مستوى الاستهلاك الوطني أو على مستوى التصدير.

واعتبر بودن أن الاستعداد لإنتاج الطاقة النظيفة يمثل فرصة لتونس لدعم الصناعة المحلية وللتصدير نحو الدول المستهلكة، متوقعا تنافسية كبيرة بين منتجي الهيدروجين النظيف في السوق المستقبلية.

هل يستنزف انتاج الهيدروجين الاخضر الثروة المائية؟

وأثار الحديث عن دخول تونس في سباق انتاج وتصدير الهيدروجين الأخضر خلال الفترة الأخيرة جدلا واسعا في تونس، التي تعيش على وقع شح مائي بسبب ارتفاع درجات الحرارة وتتالي سنوات الجفاف .

وقد حذر عدد من الناشطين في الجمعيات البيئة من مخاطر استنزاف نشاط إنتاج الهيدروجين الأخضر للمياه الجوفية في البلاد ومن إمكانية تلوث مياه البحر أو تكثف ملوحتها بسبب النشاط المرتقب الذي يعتمد على تحلية مياه البحر بشكل مكثف.

يأتي هذا فيما يؤكد خبراء في الطاقات البديلة أنه لن يتم المساس بالمياه الجوفية في علاقة بإنتاج الهيدروجين الأخضر وأن الهيدروجين لا يكون أخضرا إلّا بتوفر الطاقة البديلة، التي لا تكون على حساب المياه الجوفية للبلاد وطاقة الكهرباء المخصصة للشركة التونسية للكهرباء والغاز.

ويؤكد الخبير في الانتقال الطاقي علي الكنزاري أن المستثمرين في الهيدروجين الأخضر ملزمون باتباع الإجراءات الصديقة للبيئة وأن عمليات تحلية مياه البحر لن تلقي فواضلها في البحر مرة أخرى حيث تنص الاتفاقيات على تكفل الشركات المستثمرة بالتصرف في نفايات عمليات التحلية وعدم سكبها مجددا في البحر، فالإنتاج برمته عملية خضراء تحترم البيئة.

من جهته ، أكد الباحث في المعهد العابر للقوميات صابر عمار أن مذكرة التفاهم التي أعلنت عنها الحكومة الأسبوع الفارط و تم امضاؤها مع مجمع شركات فرنسية ونمساوية لإنتاج الهيدروجين الأخضر تشمل على عديد المغالطات خاصة حين تتحدث الحكومة على أن مشاريع الهيدروجين الأخضر ستوفر مواطن شغل و ستقلص من العجز الطاقي وستدفع التنمية في حين أن تونس ستفرط في مياهها واراضيها لفائدة الحاجيات الطاقية لأوروبا وفق تقديره. 

وبين أن إنتاج الهيدروجين الأخضر سيعتمد على استغلال كميات كبيرة من المياه تقدر بـ 250 مليون متر مكعب أي ما يعادل استهلاك 5 مليون مواطن من الماء .

وقال إن مشاريع إنتاج الهيدروجين الأخضر لا يمكنها أن تخلق التنمية خاصة وأن تونس ستقوم بتوريد التكنولوجيا الأوروبية وستنتج المادة الخام دون أي قيمة مضافة في حين أن القدرة التشغيلية و التنمية نجدها أساسا في التكنولوجيا التي تمتلكها مصانع ومخابر  دول الإتحاد الأوروبي وفق قوله.

وتابع الباحث أن من بين نقاط مذكرة التفاهم هي استغلال حوالي 500 ألف هكتار من الأراضي لإنتاج الهيدروجين الأخضر في حين أنه كان من الأجدر إستغلال هذه الأراضي التي تعادل مرتين مساحة تونس الكبرى للمشاريع الفلاحية وإنتاج الحبوب.        

واعتبر صابر عمار أن فكرة الهيدروجين الأخضر هي حاجة أوروبية فقط وليست من أولويات تونس التي تعاني من عجز طاقي وعجز غذائي وجفاف ، وفق تعبيره.    

ما هو الهيدروجين الأخضر ؟

ويذكر أن الهيدرجين هو عنصر طبيعي لا نجده بشكل نقي في الطبيعة بل نجده في تركيبة الماء وفي الطاقات الأحفورية، مثل البترول والغاز، ويتم استعماله بشكل واسع في المجالات الصناعية وأن الهيدروجين المستعمل اليوم عبر العالم مستخرج من تحويل الطاقات الأحفورية غير النظيفة ويفرز غازات غير صديقة للبيئة ويعرف باسم الهيدروجين الرمادي.

وينتج الهيدروجين الأخضر عند القيام بفصل المياه عن طريق التحليل الكهربائي، والذي يستلزم تمرير تيار كهربائي خلالها ، وبذلك تنفصل جزيئات المياه إلى هيدروجين وأكسجين ، وبهذه الطريقة، يمكن استخراج الهيدروجين من المياه، كما ينطلق الأكسجين في الهواء.

كم تبلغ تكلفة الإنتاج؟

 أكدت  دراسة حديثة أصدرها معهد الأبحاث الهولندي (TNO) والممولة من وزارة الاقتصاد والمناخ ، أن تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر مرتفعة جدا مقارنة بمصادر الطاقة التقليدية ، وفق التقديرات الأولية .

وأشارات إلى وجود فجوة ضخمة بين التكلفة الفعلية المؤسسة على بيانات مشروعات قيد التطوير، وبين التكلفة المستهدفة للمنافسة بين أنواع الهيدروجين والطاقات النظيفة، خاصة أن دول الاتحاد الأوروبي حددت مستهدفاتها للإنتاج المحلي والواردات بحلول 2030.

قدّرت الدراسة تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر بما يتجاوز 13 يورو لكل كيلوغرام، وهي تكلفة ترتفع التقديرات السابقة بنطاق واسع.

وكانت آخر تقديرات لتكلفة الإنتاج تتراوح بين 5.98 و12.14 يورو/كيلوغرام .

تُشير أرقام الدراسة إلى تكلفة صادمة للمطورين فقط، بل للحكومات والمنتجين والمصنعين الراغبين في التخلص من الكربون بوقود ينافس الوقود الأحفوري بقوة.

واعتمد الباحثون في تقديرهم على بيانات 14 مشروعًا تطورها 11 شركة حاليًا، في حين لم تفصح الدراسة عن أحجام هذه المشروعات أو نطاقها، أو حتى عن الشركات المطورة.

أقرّت دراسة معهد الأبحاث الهولندي بأن العامل الأبرز في رفع تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر هو (الكهرباء)، التي تتكلف وحدها 7.26 يورو/كيلوغرام .

في نفس السياق
آخر الأخبار