توّتر على الحدود الليبية التونسية..هل يقوّض ذلك إعادة فتح معبر رأس الجدير؟

رحمة خميسي

أمر الفريق صلاح الدين النمروش، معاون رئيس الأركان العامة للجيش الليبي، السبت 29 جوان 2024، بمنع عبور أية آليات مسلحة غير مكلفة في اتجاه معبر “رأس جدير” الحدودي مع تونس.

وأصدر النمروش، تعليماته بضرورة التعامل بحزم مع كل من يخالف الأوامر الجديدة، في ظل تمركز الكتائب المكلفة من رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي في مداخل ومخارج منطقة أبو كماش، وفق ما نقله موقع “ليبيا الأحرار” عن مكتب إعلام المنطقة العسكرية الساحل الغربي.

وفي وقت سابق أعلن مصدر عسكري تابع لحكومة الوحدة الوطنية الليبية، أنه تم إعلان المنطقة الممتدة من أبو كماش إلى معبر “رأس جدير” الحدودي مع تونس “منطقة عسكرية بالكامل.

حدود على صفيح ساخن

قال المتحدث السابق باسم المجلس الرئاسي الليبي محمد السلاك، في تصريحات لموقع سبوتنيك عربي، إنّ “التوترات عند معبر رأس جدير تأتى في سياق متوقع، خاصة أن ما جرى على مدار الأشهر المنصرمة من تحركات لاحتواء الأزمة لم يقدم خلاله حلولا ناجعة ومستدامة، بل مسكنات بانتهاء مفعولها يعود الوضع على ما كان عليه”.

واعتبر السلاك، أنّ فشل الجهود جاء نتيجة إخفاق في علاج المسألة من جذورها، بإسناد الأمر لأهله، وهي عناصر وزارة الداخلية النظامية، التى جرى استبعادها منذ سنوات لصالح تشكيلات مسلحة، باتت تسيطر على المعبر، وتعتبره “منطقة نفوذ” لا ينبغي المساس بها، في حين أن استبدالها بتشكيلات مسلحة أخرى لن يحل المشكل بل يزيده، وفق قوله.

وبحسب السلاك، يعود سبب الخلاف بين الأطراف المتنازعة، هو رغبة التشكيلات المسلحة المسيطرة على المعبر، في بقاء الوضع كما هو عليه، مقابل رغبة من تشكيلات مسلحة أخرى في السيطرة على المعبر، وإعادة رسم خارطة النفوذ في ظل غياب الكادر النظامى المُدرب من عناصر شرطة الحدود شبه المهمشة منذ 2011.

وأكّد أنّ احتمالية تطور الأزمة قائمة فى ظل المعطيات الحالية، ما لم يتم تدارك هذا الموقف المتأزم، ووضع حد لهذا التنافس المحموم بين العناصر المسلحة لفرض سيطرتها والهيمنة على المعبر.

مقتل جندي تونسي مباغتة

قبل أيّام تعرّضت دورية عسكرية عاملة بقطاع رمادة بالقرب من الحدود الليبية، إلى إطلاق نار مباغت ومجهول المصدر، أدّى لوفاة عسكري، وفق ما أعلنته وزارة الدفاع الوطني في بلاغ لها.

وتعهدت المحكمة الابتدائية العسكرية بصفاقس، بفتح بحث تحقيقي للكشف عن ملابسات الحادثة.

وتأتي هذه التطورات في ظل توتر بين أطراف عسكرية مسلحة تابعة للمنطقة الغربية الليبية وبالقرب من الحدود التونسية.

وفي هذا السياق، علّق الخبير الأمني والعميد السابق في الحرس الوطني التونسي، علي زرمديني لسبوتنيك، بأن الأمر قيد التحقيق حتى الآن ولم تظهر نتائجه بعد.

وقال إنّ “جميع الاحتمالات واردة، على اعتبار أن المنطقة هي منطقة توتر، في حين أن ما يحدث في “زوارة” ليس بعيدا، خاصة بعد تسلل “مليشيات” تسعى لفرض قوانينها الخاصة، ويحتمل أن تكون العملية من خلال إحدى هذه المجموعات”.

ورجح زرمديني، أنّه يمكن أن تقف وراء الحادثة مجموعة من المهربين، الذين يريدون الانتقام من الدولة بعد التشديد على الحدود وإغلاق معبر رأس جدير بين ليبيا وتونس.

ولفت إلى أنها عملية مباغتة قد تحدث لأي دورية متنقلة، والتي تكون أكثر عرضة للاستهداف من الدوريات الثابتة، ما يعني سهولة عملية الرصد والاستهداف.

حالة الفوضى خلف تأجيل فتح معبر رأس جدير

قال عضو مجلس النواب الليبي وعضو لجنة الأمن القومي علي التكبالي، إن ليبيا بعيدة عن الاستقرار وتحتاج إلى يد قوية وإلى حكومة حقيقية.

واعتبر التكبالي، أنّ “ما يحدث في معبر رأس جدير الحدودي مع تونس، يدل على أن ليبيا لا تزال تعيش حالة من الفوضى”.

ولفت إلى أن “كل قبيلة أو مجموعة أو عصابة بإمكانها أن تفعل ما تريد، ولا تستمع إلى أي رأي يأتى من الحكومة المحلية أو الإقليمية في البلاد”.

وجرت اشتباكات مؤخرا بالقرب من المعبر الحدودي رأس الجدير الرابط بين تونس وليبيا.

غلق المعبر..أيّ تداعيات؟

 ألقى غلق المعبر الحدودي رأس الجدير بضلاله على الحركة الاقتصادية والاجتماعية بمدن الجنوب التونسي وكذلك مدن غرب ليبيا.

وتحولت شوارع مدينة بن قردان من ولاية مدنين، منذ غلق الشريان الاقتصادي بين البلدين،  إلى مدينة شبه مقفرة حيث أغلقت المحلات التجارية أبوابها بسبب خمول الحركة الاقتصادية في المدينة وتوقف الخطوط التجارية بين الجانبين، ما أدّى لفقدان عديد العائلات بالجنوب التونسي لموارد رزقهم.

 كما أثر تواصل غلق معبر رأس جدير، على حركة دخول الليبيين إلى تونس التي لطالما مثلت وجهة سياحية تقليدية للعائلات الليبية، ووجهة استشفائية وعلاجية لهم حيث يستقبل القطاع الصحي التونسي عشرات الآلاف من الليبيين.

بدورها تكبدت مدن غرب ليبيا خسائر اقتصادية كبرى جرّاء الشلل الذي أصاب الحركة التجارية وتوقف مرور البضائع والسلع الحيوية إلى مدن زوارة والجميل وصبراتة والزنتان.

وبلغ حجم التبادل التجاري عبر المعبر عام 2023، نحو 976 مليون دولار بزيادة نحو 300 مليون دولار عن عام 2022، وفق تقارير.

الاثنين المقبل..هل يصدق الإعلان؟

أعلن الناطق باسم وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية الليبية، عبد المنعم العربي، في تصريح إعلامي، أنه سيتم إعادة افتتاح معبر رأس جدير الاثنين القادم.

هذا وتمّ تأجيل افتتاح معبر رأس جدير الحدودي، ثلاث مرات متتالية، بعد استمرار إغلاقه لثلاثة أشهر، بسبب توترات في المناطق المحيطة به.

هذا وشهدت مدينة زوارة الليبية المحيطة به، مناوشات عسكرية في مدخل المدينة الشرقي عقب دخول قوة عسكرية من خارجها.

وكان وزير الداخلية التونسي خالد النوري ونظيره الليبي عماد مصطفى الطرابلسي، قد وّقعا الأربعاء 12 جوان 2024، محضر اتفاق أمني يتضمن فتح البوابات الأربعة المشتركة بالمنفذ لدخول المواطنين من تونس وليبيا، حيث كان مقررا فتحه قبل أيام غير أنه تأجل مرة أخرى.

ومنذ مارس الفارط، تمّ إغلاق معبر رأس جدير الحدودي، على خلفية اشتباكات مسلّحة من الجانب الليبي بين قوات وزارة الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية الليبية ومسلحين من المنطقة الحدودية، ما أجبر الوزارة على غلق المعبر.

ويعد رأس جدير نقطة عبور ذات أهمية قصوى لدى الجانبين، كما يمثل شريان الحركة الاقتصادية والتجارية بين البلدين، خاصة في علاقة بالمناطق المتاخمة للحدود الليبية. 

مشاركة
علق على الخبر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Exit mobile version