انتاج مهدد والفلاح أكبر المتضررين.. كيف إرتفعت أسعار الطماطم المعلبة في تونس؟

نزيهة نصري

شهدت أسعار الطماطم المعلبة خلال السنوات الفارطة ارتفاعا هاما، حيث تطور معدل الاسعار من 1600 مليم للعلبة ذات 800 غرام سنة 2011 الى 4500 في 2024.

وقد تجاوزت اسعار البيع للعموم هذا المعدل في السنة الفارطة لتتجاوز 5 دنانير، قبل ان تتدخل وزارة التجارة وتحدد السعر.

وقررت وزارة التجارة في ديسمبر 2023 تحديد أسعار البيع القصوى لمصبرات معجون الطماطم مضاعف التركيز في مختلف مراحل التسوق.

ونص القرار على أنه سيتم اعتماد سعر بيع علبة الطماطم وزن 800 غرام بـ 4.350 دينار في المصنع وبـ 4.4 دينار بالجملة وبـ 4.5 دينار بالتفصيل.

ويحمل الحديث عن أسعار الطماطم في تونس عدة تناقضات، تتعلق أساسا بانخفاض أسعار البيع عند الإنتاج، وارتفاع أسعارها بعد التحويل.

ويذكر أن الطماطم المعلّبة تصنف ضمن جدول المواد الإستهلاكية الخاضعة لنظام حرّية المنافسة باعتماد قاعدة العرض والطلب ونظام المصادقة الذاتيّة على مستوى البيع بالجملة والتفصيل، أي أنّ المصنّعين يتولون تحديد تكلفة الإنتاج وهامش أرباحهم بشكل فردي، في المقابل تتولّى الدولة عن طريق مقرّر يصدره الوزير المكلّف بقطاع التجارة بتحديد هوامش الربح بالنسبة إلى باعة الجملة وباعة التفصيل، وفق ما ورد بقوانين المنافسة والاسعار.

سعر البيع لا يغطي تكلفة الإنتاج

أكد رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة والصيد البحري ببني خيار وعضو الجامعة الوطنية للطماطم عادل عنتيت، في تصريح لموقع “تونيبيزنيس”، ان السعر المرجعي الذي لا يتجاوز الـ 270 مليم للكيلغرام الواحد لاي غطي تكلفة الانتاج.

وقال ان تكلفة انتاج الكلغ من الطماطم الفصلية تقدر بـ290 مليم في الوطن القبلي، داعيا الى مراعة السعر المرجعي.

وتابع “سعر البيع عند الإنتاج هو أكبر مشكل مطرح الآن في علاقة بإنتاج الطماطم الفصلية المعدة للتحويل”.

وشدد على أن الفلاحة يتكبدون خسائر كبرى كل موسم بسبب تواصل اعتماد نفس السعر، رغم ارتفاع تكاليف الإنتاج.

المراجعة ضرورية من اجل المحافظة على انتاج

قال محدثنا إن صابة الطماطم المعدة للتحويل لهذا الموسم تعتبر طيبة ومن المتوقع تسجيل زيادة في الانتاج مقارنة بالسنة الفارطة.

وبين أنه من المنتظر ان يبلغ انتاج الطماطم هذه السنة 750 الف طن، مقابل 690 الف طن خلال 2023.

واعتبر عنتيت، في تصريحه لتونيبيزنيس، أن صابة الطماطم لهذا الموسم تعتبر صابة قياسية ببعض المناطق على غرار القيروان وسيدي بوزيد وقفصة والقصرين.

في المقابل أشار إلى تقلص المساحات المزروعة، في بعض المناطق، على غرار ولاية نابل جراء نقص مياه الري وجفاف السدود ونقص اليد العاملة وغلائها وارتفاع تكلفة الانتاج والمستلزمات الفلاحية.

واستدرك بالقول إن الإنتاج تراجع كثيرا مقارنة بسنة 2022 التي سجلت أرقاما قياسية تقدر بحوالي مليون طن.

وأكد انه اذا لم يتم التدخل سيتخلى الفلاح عن زراعة هذه المادة، وبالتالي يكون الإنتاج الوطني مهدد.

ودعا وزارة الفلاحة الى التدخل من خلال توفير الارشاد الفلاحي، الذي قال انه يعاني من ابسط المقومات المتعلقة بالتنقل وغيرها.

هل يغطي الإنتاج الاستهلاك الوطني رغم تراجعه؟

أضاف عادل عنتيت أن الإنتاج المتوقع لهذه السنة يغطي حاجيات السوق الوطنية.

وبين أن منظومة انتاج الطماطم الفصلية المعدة للتحويل مهددة اليوم بسبب عزوف الشباب عن ممارسة هذا النشاط الذي اصبح غير مربح.

وذكر بتأثير نقص مياه الري والتغيرات المناخية على المساحات المزروعة، التي قال انها تقلصت بشكل ملحوظ.

ويذكر أن المساحات المخصصة لزراعة الطماطم الفصلية المعدة للتحويل بولاية نابل، تشهد تراجعا من موسم الى آخر، حيث لم تتجاوز خلال الموسم الفارط 5ر3 الاف هكتار مقابل 11 ألف هكتار خلال سنة 2009، مما أدى الى تراجع مساهمة الجهة في الانتاج الوطني من 65 إلى 40 بالمائة.
وأرجع كاتب عام الجامعة الجهوية لمنتجي الطماطم المعدة للتحويل بنابل محمد بن حسن، هذا التراجع إلى عزوف الفلاحين بالجهة، التي تضم تضم 14 وحدة تحويلية، عن العمل في القطاع الفلاحي لأسباب عديدة وتراكمات عاشها القطاع خلال السنوات الأخيرة.

وقال إن منظومة الطماطم المعدة للتحويل مهددة بالاندثار في ظل غياب استراتيجية ورؤيا واضحة للقطاع وحلول حينية لمعالجة الإشكاليات التي تعترض الفلاحين ومنها تواصل ارتفاع تكلفة الإنتاج وغياب مصادر التمويل لصغار الفلاحي.

لماذا ارتفعت أسعار الطماطم المعلبة؟

أكد رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة والصيد البحري ببني خيار وعضو الجامعة الوطنية للطماطم عادل عنتيت، في تصريح لموقع “تونيبيزنيس”، أن أسعار الطماطم المعلبة يحددها المصنعين.

وأضاف أن الفلاح لا يتدخل في أسعار الطماطم المعلبة في أي مرحلة .

وتابع “من المفارقات الحاصلة اليوم أن الطماطم المنتجة في الموسم الفارط وما قبله يتم الترفيع في أسعارها وهي غير منطقية، خاصة عند التعلل بزيادة تكلفة التحويل في علاقة بارتفاع أسعار الطاقة وغيرها.

وقال انه تم عقد عشرات الجلسات مع اتحاد الصناعة والتجارة والمصنعين دون التوصل الى توافق حول زيادة السعر المرجعي للطماطم الفصلية المعدة للتحويل.

ونقل موقع الكتيبة عن مصدر وصفه برفيع المستوى يعمل في أحد المصانع التحويلية الكبرى أن الزيادة في أسعار الكهرباء التي أقرتها وزارة الصناعة والطاقة والمناجم في عام 2022 والمقدّرة بنحو 12% للصناعيين الذين يستعملون الجهد العالي و 2.5% بالنسبة للصناعيين الذي يستعملون الجهد المتوسط أثرت على أسعار الطماطم المعلبة.

ويذكر أن أسعار منتجات الطماطم شهدت زيادة بأكثر من 37% مقارنة بأسعارها في عام 2021.

وتجدر الإشارة الى أن إنتاج 1 كيلوغرام من الطماطم مضاعفة التركيز يحتاج إلى ما بين الـ 4.5 و5.5 كيلوغرام من الطماطم الطازجة.

قدرة تصدير هامة

تحتل تونس مركز متقدم في العالم في انتاج الطماطم اذ تمتدّ زراعة الطماطم الطازجة في تونس على مساحة تقدّر بحوالي 29 ألف هكتار التي تنتج حوالي 1.2 مليون طن من الطماطم الطازجة متأتية من الزراعات الحقلية والزراعات المحمية وزراعة الباكورات.

وتمثل صادرات الطماطم 3.4 بالمائة من جملة المنتوجات الغذائية المصدرة الى غاية موفى أفريل 2024، وفق معطيات نشرها المرصد الوطني للفلاحة.

ويذكر أن تونس تبحث خلال الفترة الحالية على أسواق جديدة لتصدير المنتوجات التونسية بما في ذلك المنتوجات الغذائية والمصبرات، خاصة منها الأسواق الافريقية التي تعتبر أسواق واعدة.

المواطن التونسي أوّل مستهلك لمعجون الطماطم في العالم

يتصدر المواطن التونسي الترتيب العالمي من حيث استهلاك معجون الطماطم منذ سنة 2014 بمعدل استهلاك سنوي يقدر بنحو 10 كغ للفرد الواحد اي ما يمثل 60 كغ من الطماطم المعدة للتحويل، وهو ما يمثل ضعف ما يستهلكه الفرد الايطالي الذي يحتل المرتبة الثانية عالميا، ويصل معدل الاستهلاك الوطني الاجمالي الى 100 الف طن سنويا، وفق ارقام مجمع صناعات المصبرات الغذائية “جيكا”.

مشاركة
علق على الخبر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Exit mobile version