عريضة يصدرها عدة مستشارين بلديين في فرنسا دفاعاً عن “تصحيح المسار” في تونس

وليد الخطيب

وقّع 22 مسؤول ومنتخب من جذور تونسية في العديد من البلديات الفرنسية على رسالة مفتوحة تحمل عنوان “كفوا عن المساس بسمعة تونس الغالية!” تناولت الرسالة أنه في زمنٍ تسود فيه الصور تأثيراً عاطفياً قوياً قادراً على تحريف الحقيقة، نجد نحن، أبناء فرنسا وتونس، وأصحاب العلاقة بهذه الأرض الكائنة شمال إفريقيا، لؤلؤة البحر الأبيض المتوسط، أنفسنا مستائين جداً بسبب التقرير الأخير لبرنامج “تحقيق خاص” الذي حمل عنوان: “تونس بين الفقر والديكتاتورية، خطوة ضخمة للخلف”، ومن الجلي أن هدف هذا التقرير تشويه سمعة بلاد الياسمين وأهلها، متجاهلاً بسطحية للأسباب الحقيقية للضائقة الاقتصادية والاجتماعية. وكان يلزم التطرق لمصير 4 مليارات دولار التي صرفها صندوق النقد الدولي أو 1.5 مليار دولار كمساعدات من الاتحاد الأوروبي منذ 2011. وكذلك، الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية نابعة أساساً من إدارة غير سليمة للبلاد في الفترة التي تلت الثورة ويعاني منها التونسيون اليوم العواقب الثقيلة. بالإضافة، فإن وصف تونس بأنها دكتاتورية هو سوء فهم كبير لحقيقتها وظرفها. ونطرح بعض الأسئلة الهامة: هل يعتبر دكتاتورياً الرغبة في وجود قضاء مستقل يحارب الفساد الذي طال أمده بالبلاد؟ هل تعد عملية تدقيق في الوظيفة العمومية بمثابة دكتاتورياً، كاشفة عن آلاف التوظيفات بناءً على شهادات مزيفة أو ممارسات موائمة؟ هل يعد دكتاتورياً ضمان حرية الصحافة والتجمع والتظاهر في الدستور الجديد؟

أين كان برنارد دي لا فيلارديير، الصحفي الفرنسي الذي قدم “التحقيق الخاص” عن تونس، عندما وُصف بعض “ممثلي الشعب” النساء بـ”مصانع للإنجاب” أو عندما جرى تبرير اغتيال صامويل باتي؟ لماذا لم ينشغل بتلك الشبكات الإجرامية التي ترسل الآلاف من النساء والرجال والأطفال في قوارب الموت عبر البحر الأبيض المتوسط، معرضين حياتهم للخطر؟ كمواطنين يحملون جنسيتين، وأبناء الضفتين وأصدقاء لتونس، نحن نعارض هذا التقرير الذي يجرؤ على تصوير ديمقراطية في طور النمو على أنها دكتاتورية.

تونس بدأت في تصحيح مسارها الديمقراطي لتجاوز الأزمة التي تعمقت فيها لزمن طويل. وعلى الرغم من المصاعب والتحديات، أبدت تونس شجاعة وعزماً في بناء دولة قانون متينة ومجتمع مدني نشط ومتيقظ. تونس، بلد ذو سيادة، حر في اختيار مصيره وتحديد مساره. إنها أيضاً بلد التسامح حيث تعيش الأديان جنباً إلى جنب بسلام وألفة. وتعد تونس أيضاً كنزاً ثقافياً وتاريخياً وتراثياً لا مثيل له، وكل شبر من أراضيها يعج بالكنوز التي تظهر عظمتها وتأثيرها على مر العصور. ولا يجب أن ننسى الروابط التضامنية بين فرنسا وتونس، التي تجلت في الزيارة الأخيرة من رئيس الحكومة التونسية أحمد حشاني ولقائه برئيس الوزراء الفرنسي غابرييل أتال. تاريخنا المشترك ممتلئ بالتضامن الدائم والشراكة الفريدة.

ومع اقترابنا من الذكرى الثمانين لعمليات الإنزال وذكرى مئوية الحرب العالمية الأولى، دعونا نتذكر أن أجدادنا قاتلوا معاً إلى جانب قوى المقاومة من أجل الدفاع عن الحرية والديمقراطية. ونؤكد بشدة تمسكنا الراسخ بتونس وشعبها، وسنستمر في العمل نحو تعزيز علاقات الصداقة والتعاون والشراكة بين ضفافنا، مع الحفاظ على الاحترام المتبادل وتقدير كرامة كل شخص. تستحق تونس أن يُحتفى بها لجمالها وتنوعها وديمقراطيتها المتنامية، وهذا هو الرسالة التي نود مشاركتها مع العالم. منذ انتهاء فترة كوفيد، شهدت تونس ارتفاعاً سريعاً في عدد السائحين. بث “التحقيق الحصري” في شهر مارس المنصرم، في وقت كان الحجز الصيفي الفرنسي يسير بخطى حثيثة، يثير تساؤل حقيقي: من يستفيد من هذه الجريمة؟ وأمام هذه المحاولات لزعزعة الاستقرار، نجدد تأكيد رغبتنا في دعم تونس وشعبها لأن مستقبلنا مرتبط بهذه الصداقة والشراكة الاستثنائية ب ENTRE البلدين.

الموقعون

مشاركة
علق على الخبر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Exit mobile version